وطنية - أصدرت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا - الإسكوا، تقريرا جديدا بعنوان "أي مستقبل للمنطقة العربية في زمن الذكاء الاصطناعي"، وذلك "استجابة للتحول الجذري في العالم الذي يشهد طفرة غير مسبوقة في تطور الذكاء الاصطناعي، يرافقها العديد من التحديات المعقدة التي تتطلب اهتماما عاجلا. فالمعضلات الأخلاقية، ومخاوف حوكمة البيانات، والتحيز الخوارزمي، وخطر تفاقم أوجه عدم المساواة القائمة تزداد جميعها حدة مع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي. وتؤكد هذه المخاطر الحاجة الملحة إلى أطر تنظيمية قوية ووضع سياسات شاملة لضمان أن يبقى تطوير الذكاء الاصطناعي عادلا ومسؤولا".
واستعرض التقرير الدور التحويلي للذكاء الاصطناعي وإمكاناته في إعادة رسم ملامح التنمية والحوكمة والنمو الاقتصادي، كما يحلل آثاره الواسعة على المنطقة حتى عام 2040.
اضاف التقرير: "يشهد العالم تسارعا غير مسبوق في اعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي. فمنذ عام 2022، واصلت المنطقة العربية تعزيز قدراتها في هذا المجال، متجاوزة معدلات تبني الهواتف المحمولة والإنترنت نفسها. وعلى الرغم من التوقعات بإزاحة نحو 83 مليون وظيفة عالميا نتيجة الذكاء الاصطناعي، إلا أنه يتوقع أيضا أن يخلق هذا المجال 69 مليون وظيفة جديدة".
وفي هذا السياق، أشارت الأمينة التنفيذية للإسكوا رولا دشتي إلى أن "وتيرة التقدم السريع في مجال الذكاء الاصطناعي لا تترك مجالا للتأجيل"، ورأت أن "على القادة العرب أن يتحركوا بحزم للاستفادة من هذه التكنولوجيا إلى أقصى حد، مع العمل في الوقت نفسه على الحد من المخاطر المعقدة التي تطرحها".
واشار التقرير أيضا إلى أن "الذكاء الاصطناعي يعيد تغيير سوق العمل بشكل جذري؛ إذ تظل فجوة المهارات أكبر عقبة أمام تحول الشركات، حيث يعتبر 63 بالمئة من أصحاب العمل أنها تمثل التحدي الأبرز بين عامي 2025 و2030. في المقابل، يخطط 85 بالمئة من أصحاب العمل للاستثمار في رفع كفاءة موظفيهم وتطوير مهاراتهم، بينما ينوي 70 بالمئة منهم توظيف أشخاص يمتلكون مهارات جديدة تتناسب مع متطلبات المستقبل. وفي المنطقة العربية، ينظر إلى الذكاء الاصطناعي أكثر فأكثر على أنه أداة رئيسية تدفع بالابتكار وتحقق التنمية المستدامة. ويؤكد التقرير قدرته على إحداث نقلة نوعية في قطاعات حيوية مثل الصحة، والتعليم، وحماية التراث الثقافي، والخدمات العامة. كما يدعو إلى مواءمة استراتيجيات الذكاء الاصطناعي مع أولويات التنمية الإقليمية، وتعزيز أدوات الذكاء الاصطناعي باللغة العربية لدعم الهوية الثقافية واللغوية، وتسريع التقدم نحو تحقيق أهداف محددة من أهداف التنمية المستدامة".
واعتبرت دشتي أن "التقرير يوفر خارطة طريق عملية لضمان أن يصبح الذكاء الاصطناعي محركا للتنمية الشاملة والعادلة والمستدامة، بما يتوافق مع تطلعات المنطقة وأولوياتها".
ودعا التقرير إلى "تطوير واعتماد إطار موحد لحوكمة الذكاء الاصطناعي في المنطقة، يعالج قضايا الخصوصية والسلامة والمخاوف الأخلاقية، وتنويع الشراكات في مجال الذكاء الاصطناعي، خصوصا مع بلدان الجنوب العالمي، وإنشاء برنامج إقليمي لتنمية المهارات الوظيفية بالاستفادة من أدوات الذكاء الاصطناعي وتعزيز تبادل البيانات في المنطقة عبر منصات المصدر المفتوح لدعم الابتكار في الذكاء الاصطناعي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة".
وختم مشددا على "أهمية اعتماد نهج استباقي ومتعدد التخصصات عند صياغة سياسات الذكاء الاصطناعي، يأخذ في الاعتبار الآثار الطويلة الأمد والمتعددة الأجيال لهذا التحول التكنولوجي".